في عام 2010 وفي “عز” تراجع ما يعرف آنذاك ب “الدولة الإسلامية في العراق”، أمام “مجالس الصحوات”، نشر التنظيم كتابًا بعنوان “خطة استراتيجية لتعزيز الموقف السياسي ل “دولة العراق الإسامية”. فكرة الكتاب قامت على أساس التحضير لمرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من العراق في عام 2011، والتحضير لتأسيس دولة إسلامية في العراق بعد ذلك.
بعيدا عن تفاصل المشروع الذي طرحه جهاديو العراق آنذاك، فإن القارئ للكتاب يدرك أن ما حققه التنظيم اليوم في العراق يعبر عن تخطيط سابق، استفاد بطبيعة الحال من الظروف السياسية والاجتماعية المتغيرة، وهو اليوم ينفذ هذه الخطة في مناطق مختلفة.
من الإشارات المهمة في الكتاب التي تساعد في فهم سياقات توسع هذه التنظيم الذي غير اسمه من “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” إلى “الدولة الإسامية”، منذ إعلانه “الخلافة” في يونيو الماضي، الإشارة إلى طبيعة علاقات الدولة بالمجتمع الدولي، حيث يقول الكتاب: “ونحن نريد الوصول بهذا إلى أن الحديث عن دولة إسلامية لا يعترف بها النظام الدولي، ولا تعترف هي به، ليس خيالات أو أحاما أو أوهاما كما يتخيل أو يتوهم البعض، بل هو أمر واضح المعالم، ذو استراتيجية بيّنة”.
لعل هذه الإشارة تغيب عن الأمن العام للأمم المتحدة، بان كي مون، حين حث الدول على تنفيذ حظر دولي على السلاح وعقوبات اقتصادية ضد التنظيم، حيث دعا في تقرير مجلس الأمن بشأن البعثة السياسية للأمم المتحدة في العراق “الدول الأعضاء للوفاء بالتزامها بتنفيذ وتطبيق العقوبات المالية المستهدفة، وحظر السلاح والسفر على تنظيم الدولة الإسامية في العراق والشام”.
من الواضح أن سياسات التنظيم في العراق وسوريا مقصودة باستعداء اامجتمع الدولي، وطرح نفسه كحالة منعزلة عن النظام الدولي، كما أشار كتابهم المذكور أعلاه، بشكل واضح، لكن الإشكالية الكبرى ترتبط بأن هذا النموذج من “اللادولة”، يدفع باتجاهات تأسيس “كانتونات”، لا دول تشكل حالة أقرب للفوضى في المنطقة، وبالتالي فإن هذا النموذج من “الخافة”، كيف سيستمر دون المجتمع الدولي تجاريا، وسياسيا؟ طبعا هذا بافتراض خيالي بقبول المجتمع الدولي بوجود مثل هذا النموذج.
لكن من ناحية أخرى، فإن هذا النموذج يصبح حقيقة يومًا بعد يوم، لا بل إن التنظيم بات يفرض ضرائب مختلفة، على البضائع التي تمر بالأراضي التي يسيطرون عليها، وهو ما يجعل من مسألة التعامل معها أمرًا واقعًا للعديد من المؤسسات التجارية في أكثر من دولة، وهو الأمر الذي يستدعي تساؤلاً جديدًا عن وضع تلك الشركات -التي لا تجد سبيا آخر لتجارتها سوى الطرق التي يسطر عليها التنظيم- في ظل دعوة أمين عام الأمم المتحدة بفرض عقوبات على التنظيم، وبالتالي قد تطال المتعاملين معه.
يبدو أن تنظيم الدولة، يومًا بعد يوم، يفرض تحديًا إقليميا ودوليا متزايدا، والأهم يبدو أنه يسعى لفرض مثل هذا التحدي على تلك الدول، لحن فرض نفسه واقعًا بين العراق وسوريا.
المصدر: العرب