كثيرون في عالمنا العربي استدعوا نظريات المؤامرة لتفسير توسع «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في العراق، في أكثر من منطقة، ودخولها في مواجهة مفتوحة مع القوات العراقية في عدد من المدن. وقد كان الحضور المفاجئ، أو عودة «تنظيم الدولة» المفاجئ الصارخ على السطح في المشهد العراقي، وسيطرته على حتى ثانية كبرى المدن العراقية، الدافع الرئيسي لاستدعاء هذه النظريات، كالحديث عن مؤامرة داخل الجيش العراق، أو حتى بالحديث عن دور كردي للتوسع في مناطق نفطية متنازع عليها مع المركز في بغداد، وغيرها الكثير. تنظيم الدولة الإسلامية، لطالما دارت التخمينات المؤامراتية حوله بربطه هو نفسه بالأجهزة الأمنية الإيرانية، وقد كانت سلوك التنظيم الأخير صادماً لمؤيدي نظريات المؤامرة؛ حيث إن تهديد التنظيم للدولة العراقية، جاء مناقضا لنظريتهم في ظل وجود النفوذ الإيراني القوي في العراق، منذ حقبة ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003. رغم أن استدعاء مثل هذه النظريات، وهو شأن قديم في العالم العربي، مفهوم إلا أن الظروف الموضوعية على الأرض، تدلل على أن هذا التوسع كان متوقعا منذ أن مد «تنظيم الدولة» عملياته إلى سوريا التي وفرت، وفي ظل الأزمة هناك، ملاذا آمنا للتنظيم، وأيضاً مساحة جغرافية أوسع للدعم اللوجستي، والتجنيد بطبيعة الحال. الأمر الآخر ارتبط بقدرة التنظيم على تطوير استراتيجيات أسرع من الدولة العراقية، منذ الانسحاب الأميركي من العراق منذ عامين وأزيد. والأهم من هذا كله، أن البيئة السياسية العربية، ومنذ سقوط الربيع العربي باتت مدعاة لإحباط أكبر لدى الشبان، وصفقات عقدت لإفساد اللحظة الديمقراطية عربيا من قوى إقليمية، ودولة على حد سواء، كما أن البيئة باتت مهيأة للأفكار المتشددة التي باتت، للمفارقة، أكثر تشددا مما كان قبلها. بعيدا عن هذا كله، فإن عاملاً أساسياً لا يريد أحد الحديث عنه، ولا يتم طرحه للنقاش، هو وجود شبان عرب ومسلمين، قابلين لتبني الفكر المتشدد لـ «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وهو فكر يعبر عن «الغلبة» والقوة، لكنه أيضاً يتبنى كماً كبيراً من العنف والتشدد، حتى بمعايير الجهاديين أنفسهم، وهو بالتالي يثير السؤال عن لماذا يختار الشبان هذه الأيديولوجية؟ في دراسات الإرهاب والمجموعات المسلحة، يعد عامل «وجود الموارد»، عاملاً مفسراً لانجذاب الشبان لمجموعة بعينها، وهذا قد يفسر جزئياً، أن «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وبحكم تنوع موارده فإنه يجذب الشبان الباحثين عن السلاح، والقتال، والأيديولوجيا بالتالي، خاصة أن الأيديولوجيا مثلا أقوى لدى القاعدة وحلفائه من النصرة وغيرها. هذا التفسير الجزئي، يرتبط بشكل كبير على الواقع العملياتي، ولكن الدوافع وراء الانضمام لمجموعة مسلحة دون عن غيرها لا يمكن تفسيرها بعامل أحادي، ولكن بين هذا وذاك يبقى المؤشر الأكثر ترويعا عربيا، هو أن الكثير من اليأس والإحباط لدى الشبان متراكم، وهما يدفعان هؤلاء الشبان إلى الكثير الكثير من التطرف.
المصدر: العرب