الاختطاف في العراق

خبر احتجاز رهائن في منطقة المدائن او ما يعرف بمدينة “سلمان بك”، التي تقع في جنوب العراق وتتسم بغالبية شيعية، والذي ثبتت عدم صحته مع دخول القوات الأميركية والعراقية إلى المدينة، دون أن يجدوا أي أثر لرهائن أو محتجزين، هذا الخبر كان مثيراً للاستغراب منذ بدايته.

 فقد ارتبطت عملية الخطف تلك باختطاف افراد من عشيرة الدليم السنية، مما أثار تخوفات من مصادمات طائفية، هذا من ناحية، ولاختلافه عن النمط السائد لعمليات الاختطاف في العراق، من ناحية أخرى.


فاستناداً إلى نتائج دراسة اجراها كاتب السطور، عن أعمال العنف، والتي تشمل أعمال المقاومة، في العراق خلال الفترة الممتدة من الحادي عشر من نيسان 2003 وحتى الحادي عشر من نيسان 2005، فقد بلغت عمليات الاختطاف 100 عملية، كان أعلاها ضد أفراد القوات العراقية من حرس وطني وشرطة وبنسبة 30%، تليها تلك التي استهدفت الأفراد المتعاونين مع القوات الاميركية أو قوات التحالف (طبعاً من وجهة نظر الخاطفين) بنسبة 16%، ومن ثم أفراد الشركات الاجنبية بنسبة 12%، بينما تقاربت نسبتا اختطاف الاعلاميين والمسؤولين المحليين (كالمحافظين ورؤساء البلديات) وبلغتا 10% و11% على التوالي، فيما بلغت نسبة عمليات الاختطاف للعاملين في مجال الاغاثة 3%، نزولاً إلى 1% لكل من قوات التحالف، والشخصيات الدينية والعرقية (شيعة وأكراد تحديداً).


كما لوحظ ايضاً أن منطقة عمليات الخطف تركزت في المنطقة الوسطى المشتركة بين السنة والشيعة والاكراد وبواقع 39 عملية، تليها المنطقة الوسطى السنية بـ19 عملية، ومنطقة الشمال التي يقطنها السنة والاكراد بـ 11 عملية، في مقابل 8 عمليات في المناطق الشيعية، وعمليتين في الشمال الكردي، في كركوك وأربيل تحديداً، والباقي في مناطق غير معروفة.


أما منطقة سلمان بك، فلم تشهد، وفقاً للدراسة، أي عملية اختطاف، رغم أن مناطق مثل النجف والناصرية، والحلة، والديوانية، وكربلاء شهدت مثل هذه العمليات.

ويلاحظ أن نسب الخطف لشخصيات دينية أو قومية (عرقية) قليلة، رغم كثرة العمليات التي تستهدف الأهداف السهلة Soft Target، وهو ما يجعله أقرب إلى الارهاب، منه إلى المقاومة المشروعة، وفقاً لتعريفات عدة للارهاب.


إن قضية المدائن وكما أنذرت بتوتر كبير، فقد أنذرت بضرورة المراعاة الإعلامية للمصداقية، وأنذرت بضرورة التأكيد على الوحدة الوطنية في العراق، في مواجهة تعدد اللاعبين الذين لا يعملون جميعاً لمصلحة العراق. فرغم  وجود اجماع على رفض التقسيم أو الانقسام الطائفي في العراق، إلا أن أخبارا كهذه مدعاة لزيادة التوتر بين العرب السنة والشيعة، وهو ما سيؤدي في حال حدوثه، إلى سقوط بغداد مرة أخرى، على حد تعبير محمد أبو رمان.


كما أن القضية بكل ما فيها من غموض وإثارة لموضوع غير قائم، تمنح المقاومة الوطنية العراقية حالة عيانية، بوجوب أن تنأى بنفسها عن الارهاب الذي يمارس في العراق باسم المقاومة، وذلك من خلال ابراز اهدافها السياسية، المترافقة مع مطالبتها بخروج قوات الاحتلال.

 فالحل السياسي سيكون هو المطروح لمرحلة ما بعد الاحتلال، سواء اكان من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أم من الحكومة الانتقالية الحالية، خاصة مع الادراك القائم الآن بأن المقاومة جزء أساسي من المشهد السياسي في العراق، وغياب المشروع السياسي للمقاومة العراقية الوطنية سيفقدها الكثير من شرعيتها في المستقبل القريب.

المصدر: الغد الأردني


Exit mobile version