هل تغير الميليشيات الجديدة نمط الإرهاب في العالم؟

نشرت مجلة تايم الأميركية، في عددها الصادر نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، تحقيقا استغرق ستة أشهر حول الجماعات المسلحة في الداخل الأميركي، وقد وجدت المجلة تزايدا في أعداد تلك المجموعات، كـ “قوة دفاع أوهايو”، و”ميليشيا تكساس”، وغيرها.

حتى أن بعض هذه المجموعات يضم أكثر من 300 مسلح، وفقاً للمجلة.

وتقول المجلة إن مثل هذه المجموعات أو الميليشيات تقوم إما على “التفوق العرقي للبيض”، أو تابعة “لجماعات دينية” متطرفة، أو تسعى لمواجهة “المتطرفين الإسلاميين” وغيرها، وتلتقي كلها في ما تسميه المجلة بالعداء “للحكومة”.

وقد تزايدت هذه الجماعات مع وصول الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما إلى السلطة، وقد نفذ أحدهم هجوماً على مبنى متحف الهولوكوست في واشنطن في العام 2009، وقد وجهت تهديدات عدة باغتيال أوباما أو مساعديه من قبلهم.

تقول السلطات إن عدد مثل هذه الجماعات وصل في العام 2009 إلى 127 مجموعة بينما كان عددها في العام الذي سبقه 42 مجموعة فقط. ويقول الباحثون إن وصول رئيس أسود، واسم والده “حسين” الذي يعد اسما إسلاميا، أحدث هزة لدى بعض فئات المجتمع الأميركي، وبروز مثل هذه الجماعات هو نتاج لهذه الهزة.

تحقيق “التايم” الاستقصائي، حذر أيضاً مما يعرف بنظرية “الذئب الوحيد”، والتي تشير إلى إقدام أفراد المجموعات المسلحة إلى تنفيذ عمليات فردية.

التحذير ذاته، جاء في التقرير السنوي لليوروبول، أو الشرطة الأوروبية، عن أنماط الإرهاب، حيث أشار إلى تزايد خطر المجموعات الانفصالية، وزيادة راديكالية المجموعات البيئية، وخطر المجموعات العنصرية ولجوئها للعنف في أوروبا. وقال التقرير إن نمط “الذئب الوحيد” هو أكثر ما يمكن أن تلجأ إليه المجموعة الأخيرة، وفقاً للتقرير.

التقرير الأوروبي يشير إلى أن ما يصفه بتهديد الجماعات الإسلامية الراديكالية يبقى التهديد الأكبر لأوروبا.

وفي إطار هذا، والحديث عن “نظرية الذئب الوحيد”، هناك أيضاً على الجانب الآخر، تشهد الولايات المتحدة الأميركية، تزايدا في عدد الأميركيين المنضوين في التيار السلفي-الجهادي، في عدد من الحوادث التي ارتبطت بجهاديين أميركيين مؤخرا، والمفارقة أن هؤلاء أيضاً نفذوا عمليات تقوم بمبدأ ما يسميه الجهاديون بـ “الجهادي الفردي”. ولعل عملية الميجور جنرال نضال مالك حسن الذي قتل 11 من زملائه في قاعدة عسكرية في أغسطس 2009، وأيضاً فيصل شاه الذي حاول تفجير الـ “تايمز سكوير” في نيويورك وغيرهما، أمثلة حية على هذا النوع من العمليات.

وما يزال المنظرون الجهاديون، وخاصة رجل الدين اليمني أنور العولقي، يدعون إلى مثل هذه العمليات، خاصة وأن مثل هذه العمليات تنطوي على عنصر المفاجأة والسرية الكاملة. وهو بالمناسبة تقليد ليس بجديد لدى الجهاديين.

مهما يكن من أمر، فإن بروز مثل هذا التصاعد على الطرفين، ينذر بأن دور هذه المجموعات المسلحة، سيتزايد، ويؤثر في وظيفة الدولة، فمثل هذه الجماعات، إن تكاثرت، سيكون من الصعب ضبطها، وبالتالي يبرز نمط جديد من الإرهاب.

بروز نمط جديد يمثل المجموعات المسلحة الغربية، مع تصاعد دور بعض المجموعات القومية الانفصالية كحالة “الجيش الجمهوري الإيرلندي الحقيقي”، يطرح تساؤلاً، عما إذا كان هذا سيفرض تحدياً أساسياً على حكومات الدول للتعامل مع ظاهرة متشظية من الجماعات المسلحة. وهو بالتالي، سيطرح تحدياً على مستوى أوسع، يرتبط بالآليات التي ستتعامل معها الحكومات، فمثلاً 10 سنوات مما يسمى “الحرب على الإرهاب”، ضد القاعدة والمجموعات السلفية-الجهادية، لم تنجح، فما بالك والحديث عن نمطين أو ثلاثة جدد. ومن المنطقي الإشارة إلى أن المجموعات الصغيرة، سواء على مستوى السلوك العنفي، أو الخطاب الإيديولوجي، ليست مؤسسة كالقاعدةوالسلفيين-الجهاديين، ولكنها بشكل أو بآخر في طريقها أن تشكل نمطاً جديداً إذا ما استمرت في هذا الشكل من التزايد.

المصدر: الغد

Exit mobile version